mardi 10 novembre 2015

-------------------مارتن ريس : فقط ستة أرقام ( أم فقط هراء عقلي -) -----------------------
بقلم : خالد أحباروش
---------------------------
ما انفك مارتن ريس يسعى إلى إثبات مركزية الانسان في الكون (( وهي نزعة انسانية قديمة )) فبادر إلى تأويل القوانين الفزيائية تاويلا خاصا مكنه من استنتاج رؤيته الخاصة الى الكون و الحياة و الانسان ...-- إنها , على كل حال , رؤية تأويلية موغلة في النزعة الذاتية --
.
لقد انطلق من بعض القوانيين الكونية المعروفة في علم الفزياء (( لخصها في أرقامه الستة )) ليستنتج أمورا ذاتية ليس إلا..............
و كل القوانين التي تحدث عنها في كتابه (1)  معروفة في مجال العلم و هي التي انتجت -- بفعل التضافروالتفاعل -- الحياة على الأرض بما في ذلك حياة الانسان نفسه هذا لا جدال فيه
لكن ما ليس صحيحا هو ادعاء مارتن ريس أن تلك القوانين المتضافرة والمتفاعلة في الكون كان هدفها مرسوما -- بشكل مسبق -- لايجاد الحياة و الانسان بشكل خاص
و الجال أن هذا مجرد وهم , إن الجسيمات الفزيائية في بعدها الكمي تضافرت و تفاعلت بشكل مادي محض -- عبر ملايير السننن -- فحصل أن كان وجود الحياة على أشكالها نتيجة لذلك التضافر والتفاعل نفسه ..هذا كل ما في الامر .
و إلا ما الهدف الذي رمت إليه كل تلك القوانين [[ التي زعم مارتن ريس أنها كانت بفعل عناية مسبقة -]] من ايجاد الديناصورات العاشبة الضخمة على الأرض , مع العمل على جعلها تنقرض بفعل نيزك ضخم يضرب الأرض فيبيد تلك الكائنات !!! ؟؟؟ ما العناية المسبقة في مثل هذا الأمر ؟؟؟؟؟
و استرسالا في تبيان ودحض هذا النوع من المنطق الذي لا يرى وجود الكون و الحياة إلا من خلال منظار العناية المسبقة : أي بالمنظار الذي يراها كخطة مرسومة مسبقا ( و ليس كنيجة احتمالية ) .
سأورد ما قرأت في أحد المواقع الالكترونية حول الثوابت الكونية التي يزعم صاحبها أنها تسير وفق العناية المسبقة. هذا الطرح ينسجم و النقاش الدائر الآن :
----------------------
يقول ((....الثوابت الكونية أُعدت بعناية إلى درجة يستحيل معها القول إلا بالإعداد المسبق والعناية الخاصة فمثلا :
النسبة بين الإلكترون والبروتون هي 1: 10 أس37
النسبة بين القوة الكهرومغناطيسية والجاذبية هي 1: 10 أس 40
نسبة تمدد الكون هي 1: 10 أس55
كتلة كثافة الكون هي 1: 10 أس59
الثابت الكوني 1: 10 أس 122
هذه الأرقام تحدد القيم الفيزيائية للثوابت الكونية التي لو حدث أي تغير بسيط للغاية فيها لما نشأ الكون ))
و يستطرد صاحب المقال قائلا :
(( يقول ليونارد سوسكايند الفيزيائي الأشهر أستاذ الفيزياء النظرية بجامعة ستافورد والمؤسس لنظرية الأوتار الفائقة :
-- إن المشكلة الحقيقية في إعداد الكون بعناية أن هذه المعطيات التي تقف على حافة السكين كلها مستقلة عن بعضها البعض
وفي الوقت نفسه تتلاقى لتسمح فقط بإحداث الحياة وتغير أى مُعطى من هذه المعطيات التي نشأت مستقلة لم يكن يسمح لها بالتلاقي فضلا عن إمكانية إيجاد حياة أو حتى منظومة كونية ....-- ))
انتهى الاقتباس
----------------------------------------------------------
قلت , هذا الطرح الساذج الذي يلخص المسائل بمنطق [ لو لم يكن الأمر على شاكلة كذا ... لما كان كذا ...
أو : لو كان الشيء اقل قليلا من كذا .... لما كان كذا ...
أو لو كان الشيء أكثر قليلا من كذا ... لما كان .... -- ]......هو منطق مغلوط
فالقول مثلا : لو كان موقع الأرض أقرب قليلا الى الشمس لتبخرت المحيطات بفعل درجة الحرارة العالية ولاستحالت الحياة عليها
و لو كان ابعد قليلا مما هو عليه الآن لانخفضت درجة الحرارة كثيرا ولاستحالت الحياة ] هو قول خاطيء تماما و لا يفيد الحقيقة الواقعية في شيء
هذا النوع من المنطق هو منطق ذهني لا علاقة له بالقوانين الفزيائية في تفاعلها وتضافرها الموضوعيين
و لا علاقة له بانبثاق الاشياء و العناصر بسبب التفاعل الفزيائي في الواقع ...
ففي الواقع الفزيائي ثمة أمور تحدث و حسب ......و إذا ما حدثت فلا مجال للمزايدة بمثل هذا الكلام السخيف
----------------------------
يقول صاحبنا : ( -- إن المشكلة الحقيقية في إعداد الكون بعناية أن هذه المعطيات التي تقف على حافة السكين كلها مستقلة عن بعضها البعض
وفي الوقت نفسه تتلاقى لتسمح فقط بإحداث الحياة , و تغير أى مُعطى من هذه المعطيات التي نشأت مستقلة لم يكن يسمح لها بالتلاقي فضلا عن إمكانية إيجاد حياة أو حتى منظومة كونية ....-- ))
انتهى الاقتباس )
-------------------------------
هذا الكلام مردود ... نعم كل تلك المعطيات الفزيائية التقت فيما بينها لتعطي الحياة ... لكن ظهور الحياة هو فقط محتمل في صلب تفاعل تلك المعطيات و لم يكن مرسوما فيها بعناية مسبقة و بشكل حتمي :
إن الحياة -- كما هي على الأرض -- لم تكن مصممة كغاية من نشوء الكون .......إنما انبجست كنيجة محتملة في قوانين نشوء الكون بمعنى أن ظهور الحياة خضع فقط لمنطق الاحتمال ولم يخضع أبدا لمنطق التصميم الذكي المسبق منذ البداية
فلو لم تظهر الحياة على الأرض مثلا فلن ينقص ذلك من قوانبن الكون شيئا .
نعم ..التقت المعطيات فكانت الحياة .
. لكن السؤال المعكوس هو : أين المشكلة لو لم تلتق تلك المعطيات و لم تكن هناك حياة أصلا ؟؟؟؟؟؟ لا مشكلة أصلا سواء التقت المعطيات فكانت الحياة أو لم تلتق المعطيات ولم تكن هناك حياة فقط هناك تفاعلات فزيائية تحدث بشكل ما فلا مجال للمزايدات
تلاقي المعطيات لا يبرهن على وجود عناية مسبقة و الدليل أن العلماء أنفسهم لا يمتلكون اية منهجية علمية تمكنهم من البرهنة عل وجود تلك العناية المسبقة ....
مارتن ريس و أمثاله يتحدثون عن شيء لا يثبتونه علميا و قولهم في هذا الشأن هو مجرد تخمين له بعد فلسفي قائم على التأويل العلمي
علاوة على كل ما قلت , إن تلاقي المعطيات لا يؤدي حتما الى ظهور الحياة و الدليل أن الكون قد عاش عدة ملايير من السنين دون وجود الارض ( فما بالكم بظهور الحياة ؟؟؟؟؟)
عمر الكون يقارب -14- مليار سنة وعمر الارض حوالي -4- مليارات من السنين و عمر الحياة أحدث
أما عمر الانسان فلا يقارن بعمر الكون ... فأي عناية يتحدث عنها هؤلاء؟؟
يمكن ان أبين لكم زيف هذا الضرب من المنطق الحتمي-- المتلفع بمبدأ التصميم الذكي -- عبر إيراد هذه الواقعة الاحتمالية البسيطة
تصور أن شخصا امسك حجرا بشكل عفوي ثم رمي به وسط الغابة , فجأة رأى حمامة تسقط قبالته و كان سبب سقوطها تلك الحجرة التي رماها .
(( لقد رمى الحجرة دون أن يكون هدفه اسقاط الحمامة و دون أن يكون على علم بوجودها في الاجمة أصلا ... --
فقط , أصاب الحمامة بشكل عفوي بعد أن تضافرت مجموعة من الشروط الموضوعية ادت الى سقوطها دون أي تصميم مسبق )
والآن , تصور عالما مثل مارتن ريس تماما -- أو غيره ممن هم عل شاكته -- يدرس هذه الواقعة-- عن كثب -- بمنطق رياضي ...
لا بد أنه سيكتشف أولا القوانين الفزيائية التي أدت الى سقوط الحمامة اللثام مبينا كيفية تضافرها ...
مثل علاقة قانون الجاذبية بقوة قذف الحجر , ثم تسارعه عبر المسار , وعلاقة مسار الخط بموقع الحمامة و قوة الصدمة ....إلخ .....
ثم يستنج بشكل ذهني موغل في التأويل الذاتي -- (( و هو تأويل ينطلق من النزعة اللاشعورية التي تعتبر الانسان مركز العناية الكونية -- )) أن كل تلك الوقائع إنما سارت بعناية مصممة تحكمت في كل الوقائع [ التي أدت إلى سقوط الحمامة] منذ البداية الى النهاية
و دليله في ذلك أنه يستحيل أن تتضافر كل نسب التسارع و القوة و الزمان والمكان معا بهذا الحساب العجيب بمحض الصدفة :
فيؤكد -- عبر إشهار الاستحالة المزعومة --- التي يستطيع أن يصفها بمعطيات حسابية رياضية مجردة تقف على حافة السكين -- وجود تصميم ذكي مسبق تحكم في كل العملية ... [[.لكن الأمر في الواقع لم يكن كذلك ]]
ثم يستنتج قائلا : لا بد و أن هناك عناية مسبقة ذكية تحكمت في كل المسار الذي سكله الحجر الذي أدي إلى سقوط الحمامة و إلا كيف يمكن تفسير هذا الاتقان المعجز بكل معطياته الرياضية الدقيقة
[ لاحظوا كيف انزلق العالم من الاستنتاج العلمي الموضوعي لتضافر المعطيات الفزيائية ليدخل نطاق التاويل الذهني الموغل في الذاتية ]
هل سيضحك أحدكم لو سمع ريس يقول مثلا :؟
... يا إلهي لو كانت سرعة الحجر الذي اصاب الحمامة اقل من السرعة التي انطلق بها لما أصاب الحمامة .؟ و لو سار في انحرف قليلا عن مساره لمر بجانبها و لما اصاب أصابها ....ألخ الخ .....
ثم يستنتج قائلا : بما أن الحجر أصاب الحمامة بدقة متناهية إذن كل شيء سار بعناية محسوبة .
هذا المنطق الذهني هو مجرد هراء عقلي
[[ نعم . كل لنسب الحسابية التي تحركت بها الحجرة منذ الانطلاقة الى الاصابة تمت بإتقان لكنه إتقان موضوعي فقط . وقع حسب قانون الصدفة الاحتمالي : و هو قانون شواشي ينتج نظامه المتظافر الخاص به دون الحاجة الى
مصمم ذكي ]]
----------------------
هامش
[[ Just Six Numbers: The Deep Forces That Shape the Universe. Martin J. Rees. 1999. Weidenfeld & Nicolson, Londres. 173 pages.]

Aucun commentaire:

Publier un commentaire